لبنان يمتلك المقومات ليصبح منظومة مزدهرة للشركات الناشئة لكن الدعم يعيق التقدم
يسير المشهد العام للشركات الناشئة في لبنان على الطريق الصحيح، ولكن على الرغم من التحسينات الكبيرة التي شهدها خلال السنوات الأخيرة، دعا رواد الأعمال المشاركون في فعالية مكس آند منتور للتواصل وتبادل الخبرات إلى ضرورة وجود بنية تحتية داعمة أكثر مثل حاضنات الأعمال، ومراكز البحث والتطوير، ومسرّعات الأعمال، وصناديق رأس المال الاستثماري للشركات، من أجل تحفيز الابتكار الحقيقي.
وتشكل الفجوة الواسعة في الاحتفاظ بالمواهب بسبب ظاهرة هجرة العقول في البلاد، عقبة أساسية تعيق نمو هذه المنظومة ككل.
نظمت “ومضة” فعاليتها البارزة للتواصل وتبادل الخبرات مكس آند منتور في بيروت، حيث لاقت هذه الآراء تأييداً كبيراً من جميع المشاركين.
وأقيم الحدث في منطقة بيروت الرقمية (BDD)، واستقطب نخبة من رواد الأعمال والخبراء المتخصصين والمستثمرين وجهات أخرى، للتركيز على القضايا ذات الصلة بمنظومة الشركات الناشئة اللبنانية.
وتضمّنت قائمة المشاركين كلاً من: فادي بزري، الشريك في “بي أند واي فينتشر بارتنرز”B&Y Venture Partners؛ وبيجان أزاد، الأستاذ المساعد في كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت؛ وسامي أبو صعب، الرئيس التنفيذي لمسرّعة الأعمال “سبيد” Speed@BDD؛ وكورين كيام، مديرة الاستثمار في IM Capital.
وبيّن المتحدثون أن منظومة الشركات الناشئة في البلاد قد نالت دفعة تحفيزية كبيرة جداً، لا سيما مع إطلاق منطقة بيروت الرقمية في 2012 – وهي وجهة للشركات الناشئة تتيح لرواد الأعمال اللبنانيين فرص التواصل والتعارف والتعاون – وكذلك مع إصدار التعميم Circular 331 في العام 2013، حيث أطلق مصرف لبنان صندوقاً لضخ 400 مليون دولار أميركي في الاقتصاد المحلي.
وقال فارس غندور، الشريك في “ومضة”: “إن اعتماد لبنان على القطاع الخاص بدلاً من الحكومة والقطاع العام، سمح للبلاد بالازدهار كمركز رئيسي لرواد الأعمال الصاعدين. وعلى الرغم من النمو الإيجابي، لا تزال المنظومة الكلية غير ناضجة بالشكل المطلوب.
وما زال عدد الشركات الناشئة منخفضاً، كما أن المواهب الشابة تفضل العمل في الخارج”.
وأضاف: “يتمتع لبنان بالمقومات السليمة، مثل المواهب ومنظمات الدعم العديدة والمؤسسات التعليمية، ولكن هناك كثير من الأمور التي يمكن القيام بها. وتغذّي فعالية التواصل وتبادل الخبرات “مكس آند منتور” روح ريادة الأعمال اللبنانية بفعالية، ونحن متحمسون لمواصلة دعم رواد الأعمال اللبنانيين لكي نرى المزيد من قصص النجاح”.
وتعليقاً على مسألة العدد المنخفض للشركات الناشئة في البلاد، يوضح سامي أبو صعب: “نحن بحاجة إلى بناء الكثير في المراحل المبكرة. ليس لدينا مسرّعات أولية للأعمال، لكن الجامعات على أهبة الاستعداد للمشاركة والتعاون”.
أشار إلى أن منح الطلبة نفاذاً للمعرفة والمهارات الصحيحة في مجال ريادة الأعمال سيساعد على زيادة عدد الشركات الناشئة في البلاد. وأضاف: “يغادر البلاد حوالي 70 % من الخريجين.
كما أن منظومة الشركات الناشئة ما زالت في مهدها إذ أن عمرها 10 سنوات فقط، وقد تم إصدار تعميم 331 في 2013، وليس لدينا حالات كافية من الفشل”.
ويؤمن سامي أبو صعب بقوة بدور البحث والتطوير في خلق أفكار جديدة. ويقول: “يمكن لهذه المراكز أن تبتكر منتجات مميزة وبراءات اختراع فريدة، وأن تجتذب المواهب”.
من جانبه، أكد فادي بزري أيضاً أهمية البحث والتطوير، قائلاً: “نحن بحاجة إلى المزيد من مراكز البحث والتطوير من الجامعات ومن خارج البلاد. فلا شك أن البحث والتطوير سيساهم في خلق صناعات جديدة ووظائف للمستقبل. إن ريادة الأعمال تخلق الوظائف في الحاضر”.
واتفق المشاركون على أن الوضع السياسي للبلاد، وانعدام البنية التحتية المناسبة، والسوق الصغيرة نسبياً، كلها عوامل تدفع برواد الأعمال المستقبليين لتأسيس شركاتهم في الخارج.
ووفقاً لكورين كيام، يجب على المزيد من الشركات إطلاق صناديق رأس المال الاستثماري الخاصة بها لكي يتمكن لبنان من تعزيز الابتكار الحقيقي. “إذا كان لدينا صندوقاً استثمارياً لشركة سيارات يخصص مبلغاً يتراوح ما بين 5 إلى 10 ملايين دولار أميركي للاستثمار في الأفكار الجديدة، فحينها سوف تبدأ برؤية الابتكارات والصفقات وعمليات بيع الشركات.
ولا تزال صناديق رأس المال الاستثماري في مراحلها المبكرة، ومعظم الشركات مملوكة من عائلات، لكن الجيل الثالث من المدراء التنفيذيين يأخذون بزمام الأمور، ويتطلعون إلى ريادة الأعمال”.
وبدلاً من إطلاق صناديقها الاستثمارية الخاصة، تتعاون بعض الشركات مع المسرّعات. وطرح فادي بزري مثال بنك باركليز البريطاني متعدد الجنسيات، والذي دخل في شراكة مع مؤسسة TechStars العالمية لإطلاق مسرّع باركليز.
وفي حين أنه لا يزال أمام لبنان طريق طويل لتبني منظومة حيوية ومزدهرة للشركات الناشئة، اتفق المشاركون في الفعالية بشكل عام على أن قصص النجاح وصفقات التخارج سوف تحدث في نهاية المطاف.
وقال سامي أبو صعب: “في العادة، عليك الانتظار لمدة سبع سنوات لرؤية صفقة تخارج أو بيع لشركة ما. ومن المفترض في 2020-2021 أن نرى بعض صفقات التخارج في لبنان”.
وتضمنت الفعالية التي استمرت ليوم واحدة جلسات نقاشية لتبادل الخبرات حول جذب العملاء، واستقطاب الاستثمار، وتأسيس الأعمال، وكذلك ورش عمل حول تصميم واجهات الاستخدام وتجربة المستخدم (UI/UX)، وإدارة التدفقات النقدية، وجلسات توجيه فيما يتعلق بالاستثمار مع فريق “ومضة كابيتال”.