اخبار التكنولوجيا

كيف بإمكان إدارة أداء الأصول للحد من عمليات التوقف غير المخطط لها والضارة بالبيئة؟

لا شيء يعود بالضرر الجسيم على معدلات الإنتاجية والربحية مثل تعطل الأعمال وتوقفها بشكل غير مخطط له، حيث إن الانعكاسات السلبية لذلك تتخطى حدود الخسائر المالية لتصل إلى سلامة المصانع والموظفين، إلى جانب بصمتها الواضحة من حيث مستوى الانبعاثات الكربونية ومستوى الامتثال البيئي.

لذا، تعمل حملات الاستدامة الموجهة من قبل الهيئات الحكومية على رسم ملامح مستقبل الصناعات ذات الأصول الكثيفة في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وباتت العديد من الشركات على امتداد دولة الإمارات تسعى وبشكل حثيث لتغيير نهجها الاستراتيجي لتعزيز مفاهيم الاستدامة في عملياتها، والحد من أثرها السلبي على البيئة. كما بتنا نلاحظ تركيز أكبر على مشاريع البناء والتطوير العقاري خلال الفترة التي تسبق موعد تنظيم إكسبو 2020 دبي، الذي ستنطلق فعالياته في شهر أكتوبر 2020في دبي، وستتواصل على مدار ستة أشهر، وسيتم خلالها تسليط الضوء بالدرجة الأولى على مفاهيم الاستدامة.

وفيما يخص مفاهيم الأمن والسلامة، فإن عمليات التوقف القسرية لأعمال المصانع غالباً ما يترتب عليها نتائج وظروف شديدة الخطورة، فمصفاة التكرير عادةً ما تقضي أقل من 10 بالمائة من وقتها في العمليات العابرة (توقف الأعمال، أو بدء التشغيل، أو الصيانة)، لكن الأمر المثير للدهشة أن 50 بالمائة من إجمالي حوادث الأمن والسلامة تحدث في ظل هذه الظروف.

وبهدف تعزيز مستويات الأمن والسلامة، من الهام جداً الحد من زمن العمليات العابرة، خاصة تلك التي تحدث بشكل غير متوقع.

بالإضافة إلى ما سبق، نجد بأن التوقف غير المخطط للأعمال يعود بالضرر على البيئة بدرجة كبيرة، فقد تؤدي عملية توقف واحدة غير مخطط لها، وتستمر لساعات طويلة، إلى إطلاق انبعاثات كربونية توازي ما تطلقه عادةً على مدار سنوات. ومما لا شك فيه أن الكثير يقف على المحك عند العمل لتجنب عمليات التوقف غير المتوقعة، سواءً كان ذلك على الصعيد المالي أو غيره.

الحل: استثمار التكنولوجيا لتحقيق السرعة في اتخاذ القرار

بإمكان تقنية إدارة أداء الأصول اليوم توجيه تحذيرات مسبقة حول حالات الفشل، وذلك بواسطة حزمة من عمليات التحليل التنبؤية والموجهة المدعومة ببرنامج متكامل يعمل على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات. ويوفر هذا النوع من الحلول عرضاً مفصلاً لكافة المعدات والأنظمة والمرافق والشبكات، وبالتالي تأمين القدرة التي نطلق عليها اسم “المرونة في اتخاذ القرار”.

وهذا يعنى أنه خلال زمن التخطيط لفترة التوقف المتوقعة والمنظور الشامل للعملية، سيصبح بإمكان موظفي المصنع لمس مدى انعكاس أثر القرار الخاص بإحداث تغيير تطال أية عملية تجارية على المؤسسة بأكملها. كما أنهم سيدركون مباشرةً مدى أثره على عمليات التخطيط والجدولة، وكيفية تحديده الأولويات في شراء المواد الأولية، وانعكاس أثره على المخزون، وعلى أداء فريق المبيعات، والتعزيز من معدل تنفيذ الطلبات.

بذلك تُصبح هذه الخطة بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم حول مسار إنفاق كل دولار، وذلك من أجل جني أقصى درجة من العوائد على رأس المال المستثمر. وبالإمكان أيضاً توسيع نطاق التكنولوجيا لتغطي عدة مصانع على امتداد المنطقة، وذلك بهدف تأمين رؤية واضحة حول كيفية ربط عمليات هذه المرافق معاً، ولمعرفة عواقب هذا الأمر بشكل أفضل.

لذا، عندما تقع مشكلة أو حادثة في موقع واحد، سيظهر البرنامج مدى أثرها على خط الإنتاج بشكل كامل ومسبق، وعلى حركة الشحن بواسطة السفن، وفيما إذا كانت المنشأة ستواجه خطر التعثر في الالتزام بأي عقد من العقود المبرمة.

وبفضل اتخاذها لأفضل القرارات، ستقوم هذه التكنولوجيا بالحد من المخاطر على امتداد العملية برمتها، لتجني بذلك القيمة الحقيقية المرجوة. هذا، وقد بدأت بعض شركات توريد الخدمات، الموجهة بالبيانات، العاملة ضمن قطاع التأمينات بتقديم المشورة لعملائها حول مدى أهمية تبني الحلول الرقمية لتنفيذ عمليات الصيانة الإلزامية، ولدعم سرعة اتخاذ القرار، فهم يعملون على ترويج هذه التقنيات باعتبارها طرق ناجعة وقادرة على الحد من فترات التوقف غير المخطط لها، والأحداث المصاحبة لها، ولكونها أيضاً عامل محفز لخفض معدلات التأمين الخاصة بها.

كما أن الرؤية الشاملة والمفصلة تتيح إمكانية تنفيذ طرق جديدة لإدارة الأعمال، فعمليات الارتقاء الرقمي باتت تهز عروش مخازن البيانات، كما أنها توفر الأدوات الكافية لاستشعار البيانات المتاحة على امتداد المؤسسة.

الآن هو الوقت الأمثل

ستصبح الشركات التي ستسعى لتطبيق هذه التكنولوجيا أول من يتمتع بالميزة التنافسية، لتحقق بذلك مستويات جديدة وغير مسبوقة من الربحية، وفي الوقت ذاته الحفاظ على “مسؤوليتها الاجتماعي أثناء العمل” من خلال تحسين مستويات السلامة وأداء الاستدامة. وقد بات الكثير منها يضعون هذه الحلول موضع الاستثمار بهدف مساعدتهم على تجنب أخطر الظروف، وللحد من انبعاثات الكربون، وللحفاظ على مستويات الكفاءة المثلى.

وإليكم فيما يلي بعض الأمثلة عن المؤسسات التي قامت بدمج تقنيات متقدمة ضمن أجهزتها وعملياتها، وذلك من أجل الحد من فترة التوقف غير المخطط لها إلى حد كبير:

قامت إحدى مصافي التكرير بتطبيق حلول للتنبؤ بالحوادث قبل حوالي 30 يوماً من وقوعها، ما يتيح للموظفين إعادة جدولة عمليات الصيانة، وتحويل مسار الإنتاج عند الضرورة، وتحسين طريقة معالجتهم للمشكلة عبر تحليل الأسباب الجذرية لها.

تمكنت إحدى الشركات الرائدة في صناعة اللب والورق جني فوائد استثمار التكنولوجيا المتقدمة في مجال تحسين مستويات السلامة، حيث تمكنت عمليات التحليلات التنبؤية المستخدمة من إرسال تنبيه هام حول إمكانية اندلاع حريق كبير قبل تسعة أيام حدوثه.

قامت شركة متخصصة في مجال المعادن والتعدين بنشر حل رائد لعمليات التحليل التنبؤية على امتداد أكثر من 300 من أصولها، حيث تتم إدارته من قبل شخص واحد بشكل أساسي، ما مكن الشركة من تحسين معدلات التوافرية بما يكفي لجني العائد الكامل على الاستثمار خلال أقل من ستة أشهر.

كما تستعين الشركات الأخرى بهذه التكنولوجيا من أجل تعزيز الكفاءة التشغيلية، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه على حد سواء، فقد استخدمت شركة “بترول أبوظبي الوطنية” (أدنوك)، الرائدة في إنتاج النفط والغاز على مستوى منطقة الشرق الأوسط، حلول HYSYS وInfoPlus.21 من “آسبن تكنولوجي” من أجل تحليل وتحديد فرص الكفاءة، وتحسين معدل الاستخدام الأمثل للمياه والطاقة ضمن الزمن الحقيقي، كما مكنتها هذه الحلول من توفير 10 بالمائة من معدل استهلاكها للمياه و5 بالمائة من معدل استهلاكها للطاقة.

نظرة مستقبلية
هناك حاجة ماسة لتحقيق سرعة أكبر في اتخاذ القرار أكثر أي وقت مضى، نظراً للضغوط المتنامية التي يمارسها كل المساهمين والمستهلكين على الشركات، وبواسطة الحد من مخاطر، ومخاوف، واحتمالية التعرض لفترات توقف غير المخطط لها عبر تنفيذ حلول التكنولوجيا المتقدمة المتاحة اليوم، ستتمكن الشركات من حجز مركز متقدم لها في سباق الفوز بسوق الغد.

جون هيغ، نائب الرئيس التنفيذي للعمليات لدى شركة “آسبن تكنولوجي”

زر الذهاب إلى الأعلى