هل تنجح التكنولوجيا في محاربة فيروس كورونا بالدول النامية ؟
يتخوف فريق من العلماء والسياسيين والمراقبين مما وصفوه بـ”المستويات التاريخية غير المسبوقة” للتهديدات التي خلفها وباء كورونا فيروس (كوفيد- 19) على العالم بأسره في جائحة لم تفلت من براثنها البلدان والمتقدمة والمتطورة علمياً ، ويتصاعد قلقهم أضعافاً مضاعفة لدى متابعتهم للانتشار السريع للوباء في قارة أفريقيا وهو ما يعتبرونه “تهديداً خطيراً” لقارة تعاني منظوماتها الصحية في الأساس الوهن والارتباك.
ومن بين غيوم التهديدات والتحذيرات بشأن وباء كورونا وقارة أفريقيا والبلدان النامية، رأى الخبير التنموي بن ليو مؤسس شركة (فرايم) الاستشارية المتخصصة في قضايا أفريقيا والعالم النامي أن التكنولوجيا تفتح أبواب أمل واسعة للحد من انتشار وباء فيروس كورونا في قارة أفريقيا وكثير من البلدان النامية.
ويقول ليو في مقال نشرته مجلة (أفريكا ريبورت) إنه لحسن الحظ فإن التكنولوجيا تطورت بصورة جيدة خلال الوباء العالمي السابق في ضوء الجهود الجبارة التي بذلها علماء المعلومات لإنجاز العديد من الابتكارات والبرامج الحاسوبية والتكنولوجية المتخصصة ؛ لمواجهة التحديات العالمية المنتشرة على نطاق واسع وهي التقنيات التي أصبحت حالياً ضرورية للتخطيط والاستجابة وتخفيف الآثار.
ويشير الخبير التنموي والاستشاري المعلوماتي إلى أن من بين تلك التقنيات تبرز نماذج آلة التعلم المتطورة (ML) التي تسهم بصورة كبيرة في استخلاص المعلومات في مناطق يصعب إن لم يكن مستحيلاً الوصول إليها في أفريقيا..قائلا : “إن تلك المعلومات الجديدة والموثوقة بوسعها أن تصف لنا التركيبة السكانية، وأنماط المعيشة، والخصائص الصحية للمناطق المجاورة حتى في حالات المناطق النائية”.
وفي مواجهة حالات الغموض الشديدة، يعد التعرف بصورة مفصلة على التعداد السكاني المعرض للخطر معلومات ثمينة ولا تقدر بثمن بالنسبة لأولئك الذين يقفون في الصفوف الأولى لمحاربة الأمراض والأوبئة ، وفي ضوء التسلح بمثل تلك المعلومات المتبصرة يمكن للمنظمات والحكومات معرفة المناطق المصابة أو الموبوءة ومن ثم اتخاذ القرارات استناداً إلى الاحتياجات المحلية التي تحتاجها كل بقعة وإقليم في أنحاء القارة.
وينتقل ليو إلى منطقة معلوماتية جديدة تتعلق بالمعلومات التي تتيحها الأقمار الصناعية والثورة الرقمية التي يمكن لها أن توفر بيانات مفيدة جهود الاستجابة والإغاثة مثل تلك التي تتعلق بتحسينات البنية التحتية الأساسيبة ومخصصات التمويلات الطارئة والمعايير الوقائية وغيرها من المعلومات.
ويشير إلى نوعية أخرى من البيانات التي توفرها التكنولوجيا عن المنظومات المالية، والمعدات الطبية، وموارد الكوادر الطبية وهي بيانات مهمة وجوهرية لسرعة التعرف على الدول والمدن والمجتمعات التي تضم أكثر الحالات الطارئة المعرضة للمخاطر.
وفي حالة تفشي وباء الكورونا، فإن المهم التوصل إلى خرائط الانتشار التي تكشف مدى تركز الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس (كوفيد-19).
ومن بين أنماط التقنيات المعلوماتية الأخرى ، يوضح ليو أنه من خلال موجة المعلوماتية يمكن إعداد مؤشرات ترصد عوامل الخطورة المرتبطة بالحالات الطارئة من بينها على سبيل المثال حجم الأسر ومستوى الإصابة بمرض الدرن (السل) واستخدام مواقد الطهي الملوثة للبيئة ومدى انتشار الأمراض غير المعدية، وتقزم الأطفال، وهي معلومات يسهم في إعداد خرائط مستقلة أو متشابكة لرسم تصور للمخاطر.
وتأتي مهام معلومات الصحة العامة ومدى انتشارها الجغرافي وتبرز تلك المعلومات من خلال المزج بين العديد من مصادر المعلومات التي تتضمن المسوح الجغرافية للأسر وتركيزها وكثافتها ونماذج آلة التعلم المتطورة (ML ) التي تتيح لنا كيفية استيعاب المجتمعات للأنباء علاوة على توافر البيانات الخاصة بمعدلات المشاهدة التلفازية والاستماع لموجات الراديو ومقروئية الصحف والدوريات وملكية الهواتف المحمولة لكل كيلومتر مربع في المساحات الجغرافية المختلفة ، وتفيد تلك الصورة المعلوماتية في استخدام القنوات الإعلامية الملائمة لبث الرسائل والحملات التوعوية والتحذيرية المتعلقة بحالات الطوارئ.
ويؤكد ليو أهمية تسخير البينانات المتوفرة من نماذج آلة التعلم المتطورة (ML ) عند التخطيط لمراحل التدخلات المختلفة ولاسيما في ظل حقيقة أن هناك تداعيات منتظرة للوباء على الآجال المختلفة القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى كما أنه من خلال تشغيل بيانات التعداد السكاني المحلي عبر إجراء تحليلات نماذج التوقعات، يمكن استشراف التأثيرات المرتبطة بالوباء؛ مثل الصدمات والتحديات الاقتصادية، والأمن الغذائي.
ويشير إلى أن استخدام تلك النماذج المعلوماتية المتطورة تساعد المنظمات والحكومات على إعطاء الأولويات للمناطق الجغرافية الأكثر احتياجاً للتدخل والعون، وتساعد كذلك في اتخاذ القرار في خضم ظروف وسيناريوهات صعبة.
ويختتم ليو مقاله قائلاً “بينما يراوغ الفيروس وينتشر، فإن جهود الإغاثة والاحتواء آخذة في الاتساع، لذا فإن أدوات التحرك والتدخل ينبغي لها أن تتطور وتتضمن حلولاً جديدة قادرة على الارتقاء إلى مستوى التحديات التي نشهدها في تلك اللحظة.”