بدء الصدام بين الرئيس الأمريكي ترامب ومواقع التواصل الإجتماعي
وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الخميس الأمر التنفيذي الذى يواجه بصفة مباشرة مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وجوجل.
ويركز الأمر تحديداً على قانون نستطيع القول إن الإنترنت كما نعرفه اليوم قام عليه, هذا القانون يسمى “الفقرة 230”.
يمنح هذا القانون شركات التقنية العملاقة ما يشبه الحصانة الفدرالية من الملاحقة القانونية لأي محتوى يقوم مستخدمو برامجها وتطبيقاتها ومواقعها بنشره. بمعنى لو أن شخصاً قام بتمجيد زعيم تنظيم إرهابي على فيسبوك، فالقانون هذا يعفي فيسبوك من ملاحقتها قضائياً بتهمة “دعم الإرهاب”.
الأمر الرئاسي الترامبي هذا سيعطي السلطة التشريعية الأمريكية حق إعادة تفسير “الفقرة 230″ بحسب التعديل الأول للدستور الأمريكي، والذي يضمن حرية الرأي والكلمة. هذا التفسير قد يفتح الباب أمام دعوات قضائية وتعويضات بالمليارات ضد شركات التقنية العملاقة مثل غوغل وتويتر وفيسبوك، في حال ثبت أنها تمارس قيوداً على أصحاب الآراء المحافظة أو اليمينية، مثلاً.
شركات التقنية كانت على علم بنوايا ترامب من حوالي سنة تقريباً، لأنه كان ينوي آنذاك توقيع الأمر الرئاسي نفسه ثم غير رأيه. لكن ما فعلته تويتر بتغريداته كان على ما يبدو القشة التي قصمت ظهر البعير، فوقّع الأمر الرئاسي على عجل.
ومن المتوقع أن تتحد شركات التقنية الأمريكية في دعوى قضائية مشتركة للطعن في قانونية القرار الرئاسي والتزامه بالدستور الأمريكي، وهذه ستكون معركة قضائية ستخوضها الشركات بكل ثقلها ونفوذها، لأنها ستوفر عليهم عشرات المليارات من الدولارات مستقبلاً في قضايا بتهم التحيز السياسي.
أيضاً، لن تنسى هذه الشركات لترامب ما فعل، وتوقعي الشخصي أن تسعى منصات التواصل الاجتماعي بشكل أكبر لـ”تحجيم” الآراء المؤيدة لترامب في الفضاء الإلكتروني، وربما بشكل ما أو بآخر و”من وراء حجب” أن تتلاعب بتغطية الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر 2020 (وهذه جريمة فدرالية لو حصلت، ولكن لو تم الإمساك بها!)
وسيؤثر هذا الأمر بشكل ملحوظ على أسهم شركات التقنية وسيتسبب لها بخسائر، وهذا ما يريده ترامب (بده يربيها!). لكن رد هذه الشركات – أيضاً في رأيي الشخصي – سيكون مساوياً من ناحية القوة ومعاكساً من ناحية الاتجاه.
هناك عدد من الخيارات أو أدوات الضغط التي يمكن للشركات التي تحكم الإنترنت المعاصر القيام بها. بعض هذه الأدوات الضاغطة هي:
تقليص عدد موظفي مكاتبها وخدماتها في الولايات المتحدة، لتأليب الرأي العام على ترامب وإدارته.
التفكير بشكل جدي في نقل مقراتها الرئيسية خارج الولايات المتحدة، ولو أن ذلك عملياً لن يؤثر بشكل كبير على أمريكا، لأن هذه الشركات بالكاد تدفع أي ضرائب.
تقييد التعاون مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية والمؤسسة العسكرية الأمريكية، وتقليص وصولها إلى قواعد بيانات مستخدميها (هذا اتفاق قديم).
سحب الأولوية من السوق الأمريكية فيما يخص الإعلان عن أي منتجات أو ابتكارات أو خصائص جديدة، وتفضيل الأسواق الآسيوية أو الأوروبية عليها.
زيادة الأموال المخصصة لجماعات الضغط السياسي (اللوبيات) المعارضة لترامب وما يمثله من سياسات (يمكن ضخ أموال في اتجاه النواب الديمقراطيين لمعارضة أي قرارات لاحقة لترامب ضد شركات التقنية، أو حتى تمويل مرشحين رئاسيين ضده).
وترجح مصادر أيضا أن يتراجع ترامب عن هذه الخطوة أو يخففها إلى حد كبير ليتجنب أي إحراجات سياسية له قبل 5 شهور فقط من الانتخابات، أو أنه سيعلن بعد أسبوع عن إحراز “تنازلات هائلة” من شركات التقنية ويعلن انتصاراً مدوياً عليها (كالعادة بدون أي أدلة)، ويعود الأمر تدريجياً إلى ما كان عليه، مع تعهد بعدم وسم ما يكتب من تفاهات على تويتر بأنه “كذب ويحتاج تصحيحاً”.