محافظ المركزي البحريني يطلب إنشاء بنك مركزي رقمي عالمي لتنظيم الحلول الرقمية
قال خالد حميدان محافظ مصرف البحرين المركزي إن رقمنة الخدمات المالية تشهد تحولاً جذريًا، والتكنولوجيا الرقمية تتغلغل فيه بشكلٍ متزايدٍ وملموس.
وأضاف خلال حديث له في المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض: «نحن محظوظون في مملكة البحرين، إذ يرحب الناس بهذا التغيير، حيث شهد استخدام المدفوعات الرقمية الفورية ارتفاعًا ملحوظًا مقارنةً بالفترة الماضية، وهناك مؤشرات عديدة تُثبت ذلك، ومنها معدل المدفوعات الفورية للفرد شهريًا، حيث احتلت البحرين المرتبة الثانية عالميًا بواقع 19 عملية دفع فوري للفرد شهريًا، ولم تتفوق عليها سوى تايلاند، وبناءً على التوقعات الحالية، من المرجح أن تتصدر البحرين الترتيب العالمي قريبًا».
في سياق رقمنة قطاع الخدمات المالية، رأى حميدان أن البنوك المركزية نفسها تتحمل مسؤوليةً دفع هذه الجهود قدمًا، وقال: «هناك أسبابٍ واضحة تقتضي منا أخذ زمام المبادرة: الأول، هو وضع إطار عام متوافق لهذه الاستراتيجية، فنحن نطالب جميع الجهات المرخصة لدينا بوضع استراتيجيةٍ رقميةٍ واضحةٍ، ومن الضروري أن نمتلك استراتيجيةً رقميةً خاصةً بنا تتوافق وتتماشى مع تطلعاتنا من القطاع، والثاني، وهو أننا نؤمن بأنه كلما تعمقنا في الرقمنة، وكلما ازدادت التقارير التي نطلبها رقميًا من الجهات المرخصة لدينا، فإننا نشجع الجميع من حولنا على الرقمنة في الوقت ذاته، وهذا أمرٌ مهمٌ لا شك فيه، وتحتاج هذه الجهود إلى التنسيق والتوحد».
وتابع حميدان بالقول: «هناك جانب آخر يثير حماسي، وهو إمكانية قيام بنك مركزي رقمي بتوفير بيئة مناسبة لتوطين الحلول الرقمية المالية من جميع أنحاء العالم في نطاقنا القضائي، وإنني أشكر هذا المنتدى على إتاحة هذه الفرصة التي دفعتني إلى صقل أفكاري وآرائي حول العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزي».
وأشار إلى أنه إذا افترضنا أن النقد الورقي هو الشكل التماثلي للنقود، والعملات الرقمية هي الشكل الرقمي للنقود الحالي، فمن الواضح أننا نعيش في وضعٍ هجينٍ نستخدم فيه كلا الشكلين، ونعلم أنه في الماضي كان المصرفيون المركزيون يسيطرون على جميع جوانب النقد الورقي، أما الآن فأصبح القطاع الخاص بشكلٍ كبيرٍ في طباعة وتوزيع النقد الورقي، ومع القطاع الخاص، نستخدم أسعار الفائدة لإدارة المعروض النقدي ومن المرجح أن يحدث الشيء نفسه مع العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية.
أكد أن البنك المركزي سيبقى يلعب دورًا رئيسيًا، ولكن في مرحلةٍ ما، فمن المحتمل أن نتوقف عن تسميتها «عملة رقمية صادرة عن البنك المركزي»، بل ستكون ببساطة الشكل الرقمي للنقود، وفي وقتٍ ما نأمُل أن نتمكن من الانتقال إلى نظامٍ رقميٍ بالكامل.
وقال: «نحن في حوار مستمر مع نظرائنا، ونحتاج إلى التعلم من بعضنا البعض، وأعتقد أن جانب التعاون سيكون بالغ الأهمية بالنسبة لنا جميعًا، لا سيما فيما يتعلق بالتعاون بين الدول في هذا الموضوع».
وأضاف: «نحن اقتصادات مفتوحة تضم قاعدة كبيرة من الوافدين الذين يعيشون في هذه الدولة، لذلك تُعد خاصية المعاملات عبر الحدود للعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية (CBDC) عنصرًا مهمًا للغاية بالنسبة لنا، ويمكن الاستفادة منها كميزة إضافية إذا ما تم التنسيق والعمل المشترك فيما بيننا».
وأشار إلى وجود جوانب معينة قد تؤدي إلى منافسة مباشرة مع البنوك، ولكن من ناحية أخرى، فإن عملية رقمنة وتوحيد أي شيء ستتيح المجال للابتكار والبناء عليه، فقد يغلق باب صغير، لكن في المقابل قد تُفتح أبواب كبيرة جدًا بسبب ذلك، وهو ما قد يرحب به البنك نفسه، وأنا أعتقد أنه هناك العديد من الأشياء التي يمكن القيام بها والبناء عليها باستخدام عملة رقمية صادرة عن البنك المركزي، عملة قوية وآمنة ومستقرة.
وفي معرض إجابته على سؤال حول كيفية نظره إلى اللوائح التنظيمية المطلوبة لضمان عدم تدخل إطلاق العملة الرقمية الصادرة عن البنك المركزي (CBDC) المحتمل في النظام المالي وكذلك انتقال السياسة النقدية، قال: «حينها سوف يبرز أحد الأمور، وهو البدء بإدخال سعر فائدة على العملة الرقمية الصادرة عن البنك المركزي، وقد يكون هذا شيئًا فعالاً للغاية، حيث يقدم البنك المركزي أداة سياسة نقدية جديدة أكثر مباشرةً مما هو متاح لدينا حاليًا».
وأضاف حميدان: «نحن نقوم بتحديد أسعار الفائدة، ولكن هناك العديد من الوسطاء بين البنك المركزي والمستخدم النهائي، ولكن مع العملة الرقمية للبنك المركزي ستصبح الآلية مباشرة، وربما مع هذه الآلية المباشرة، فإن التحركات التي يتعين علينا القيام بها لتحقيق التأثير المطلوب من أسعار الفائدة قد تكون أصغر، وقد يؤدي ذلك فعليًا إلى الحد من تقلب أسعار الفائدة، مما قد يكون ذا فائدة إجمالية للاقتصاد ويحفز النمو الاقتصادي».